روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | من أخلاق الدعاة.. (2) التعالي على متع الحياة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > من أخلاق الدعاة.. (2) التعالي على متع الحياة


  من أخلاق الدعاة.. (2) التعالي على متع الحياة
     عدد مرات المشاهدة: 2789        عدد مرات الإرسال: 0

ليس المؤمن موجودًا في هذه الحياة لكنز الأموال ولا لتعمير الدور ولا لبناء القصور، وجمع الأثاث، والفرش، والخدم، والحشم، فيضيع في ذلك عمره، ويقضي فيه حياته، وإنما ينبغي أن تنصرف همته إلى ما هو أعظم من ذلك، وإن حصَّل من هذه الأمور شيئًا تقرب إلى الله به ولا يشغله عن وظيفته الأساسية وهي عبادة الله.

 

أما الدعاة فنفوسهم أعلى من أن تستميلها هذه الأمور، فيكفيهم من هذا ما يسد الخلة، وتنقضي به الحاجة وتحفظ به النفس من الاستشراف والتطلع إلى ما عند الناس، ولست أعني أن الداعي يجب أن يعيش معدمًا صفرًا، ولكن أعني أن يكون عالي النفس، عزيزًا، عفيفًا، فإن حصل له خير بكسب طيب فنعم المال الصالح للعبد الصالح، وقد عرف تاريخ الدعوة دعاة عظماء ذوي غنى كان مالهم عونًا لدعوتهم وخدمة للإسلام كعثمان، وابن عوف، والليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك رضي الله عنهم فالمال إن وجد للداعية فهو معين على الدعوة، وإلا سما بنفسه وعف عما في أيدي الناس.

وبقدر ما تركن نفسه لهذه الأشياء بقدر ما يضيع عليه ويضر دعوته. وانظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أتاه عتبة بن ربيعة يغريه بهذه المغريات ليثنيه عن دعوته ويقول: يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون من أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد شرفًا سوَّدناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد ملكًا ملكناك علينا.

هذه رواية ابن إسحاق، وفي مسند عبد بن حميد وأبي يعلى: قال: أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلًا واحدًا، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرًا، فقال: فرغت، قال: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم {حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13]»، فقال عتبة: حسبك، حسبك.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لي وللدنيا؟! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها».

وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما كما في البخاري: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل.

ومن كان هذا حاله فإنما يأخذ من الدنيا بقدر ما يتبلغ به فقط، ولذلك قال الحسن: دخلت بيوت أزواج النبي ولو أردت أن أمس السقف بيدي لمسسته.

فالداعية يترفع عن تضييع العمر في تحصيل هذا الحطام، وبقدر ما يتعالى على هذه الأشياء بقدر ما يعز ويرتفع عند الله والناس، وبقدر ما ينجح في دعوته.

قيل لبعضهم: بم سادكم الحسن؟ قال: احتجنا لدينه واستغنى عن دنيانا.

وكان الحسن يقول: من نافسكم في الآخرة فنافسوه ومن نافسكم في الدنيا فألقوها في نحره.

وكان أبو جعفر المنصور يرسل إلى سفيان الثوري، وسفيان يتهرب منه ويأبى أن يذهب، حتى جاءه المنصور يومًا فقال: سلنا حاجتك، قال: أوَتجيبني؟ قال: نعم، قال: لا تأتي حتى أُرسل إليك، ولا تُعطني حتى أسألك.. فخرج المنصور يقول: كل الطيور علفناها فالتقطت إلا سفيان.

وقال ابن عيينة: دخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال: سلني حاجة، قال: إني أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج قال: الآن فسلني حاجة، قال: من حوائج الدنيا؟ أم من حوائج الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا، قال: والله ما سألتُ الدنيا مَنْ يملكها، فكيف أسألها مَنْ لا يملكها. (سير 4/ 466) .

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.